Text Practice Mode
البداية والنهاية : باب خلق آدم عليه السلام (1)
created Nov 4th 2019, 14:59 by OMX11
3
1885 words
2 completed
0
Rating visible after 3 or more votes
00:00
باب خلق آدم عليه السلام
@ قال الله تعالى وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبؤني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم قلنا اهبطوا منها جميعا فاما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون وقال تعالى إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون وقال تعالى يا أيها
الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا كما قال يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير وقال تعالى هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها الآية وقال تعالى ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين قال ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين قال انظرني إلى يوم يبعثون قال إنك من المنظرين قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين قال اخرج منها مذؤما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخسفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون كما قال في الآية الأخرى منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى وقال تعالى ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون والجان خلقناه من قبل من نار السموم وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين قال يا إبليس مالك أن لا تكون مع الساجدين قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون قال فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين قال هذا صراط علي مستقيم إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين وإن جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم وقال تعالى وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا الا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته الا قليلا قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم
جزاؤكم جزاء موفورا واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان الا غرورا إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا وقال تعالى وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا الا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا وقال تعالى ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا الا إبليس أبى فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى إن لك ان لا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى فـأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فأما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى وقال تعالى قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون إن يوحى إلي الا أنما أنا نذير مبين إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون الا ابليس استكبر وكان من الكافرين قال يا ابليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين قال فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين قال فالحق والحق أقول لأملأن جنهم منك وممن تبعك منهم أجمعين قل ما أسئلكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين ان هو الا ذكر للعالمين ولتعلمن نبأه بعد حين
طفهذا ذكر هذه القصة من مواضع متفرقة من القرآن وقد تكلمنا على ذلك كله في التفسير ولنذكر ههنا مضمون ما دلت عليه هذه الآيات الكريمات وما يتعلق بها من الأحاديث الواردة في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله المستعان
فأخبر تعالى أنه خاطب الملائكة قائلا لهم إني جاعل في الأرض خليفة أعلم بما يريد أن يخلق من آدم وذريته الذين يخلف بعضهم بعضا كما قال وهو الذي جعلكم خلائف الأرض فأخبرهم بذلك على سبيل التنويه بخلق آدم وذريته كما يخبر بالأمر العظيم قبل كونه فقالت الملائكة سائلين على وجه الاستكشاف والاستعلام عن وجه الحكمة لا على وجه الاعتراض والتنقص لبني آدم والحسد لهم كما قد يتوهمه بعض
جهلة المفسرين قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء قيل علموا أن ذلك كائن بما رأوا ممن كان قبل آدم من الجن والبن قاله قتادة
وقال عبدالله بن عمر كانت الجن قبل آدم بألفي عام فسفكوا الدماء فبعث الله إليهم جندا من الملائكة فطردوهم إلى جزائر البحور وعن ابن عباس نحوه وعن الحسن ألهموا ذلك وقيل لما اطلعوا عليه من اللوح المحفوظ فقيل أطلعهم عليه هاروت وماروت عن ملك فوقهما يقال له الشجل رواه ابن أبي حاتم عن أبي جعفر الباقر وقيل لأنهم علموا أن الأرض لا يخلق منها الا من يكون بهذه المثابة غالبا ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك أي نعبدك دائما لا يعصيك منا أحد فإن كان المراد بخلق هؤلاء أن يعبدون فها نحن لا نفتر ليلا ولا نهارا قال إني أعلم مالا تعلمون أي أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هؤلاء مالا تعلمون أي سيوجد منهم الأنبياء والمرسلون والصديقون والشهداء ثم بين لهم شرف آدم عليهم في العلم فقال وعلم آدم الأسماء كلها قال ابن عباس هي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس إنسان ودابة وأرض وسهل وبحر وجبل وجمل وحمار وأشباه ذلك من الأمم وغيرها وفي رواية علمه اسم الصحفة والقدر حتى الفسوة والفسية وقال مجاهد علمه اسم كل دابة وكل طير وكل شيء
وكذا قال سعيد بن جبير وقتادة وغير واحد وقال الربيع علمه أسماء الملائكة وقال عبدالرحمن بن زيد علمه أسماء ذريته والصحيح أنه علمه أسماء الذوات وأفعالها مكبرها ومصغرها كما أشار إليه ابن عباس رضي الله عنهما وذكر البخاري هنا ما رواه هو ومسلم من طريق سعيد وهشام عن قتادة عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا فيأتون آدم فيقولون أنت أبو البشر خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء وذكر تمام الحديث ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قال الحسن البصري لما أراد الله خلق آدم قالت الملائكة لا يخ لق ربنا خلقا إلا كنا أعلم منه فابتلوا بهذا وذلك قوله إن كنتم صادقين وقيل غير ذلك كما بسطناه في التفسير قالوا سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم أي سبحانك أن يحيط أحد بشيء من علمك من غير تعليمك كما قال ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون أي أعلم السر كما أعلم العلانية وقيل إن المراد بقوله وأعلم ما تبدون ما قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها وبقوله وما كنتم تكتمون المراد بهذا الكلام إبليس حين أسر الكبر والتخيرة على آدم عليه السلام قاله سعيد بن جبير ومجاهد والسدي والضحاك والثوري واختاره ابن جرير وقال أبو العالية والربيع والحسن وقتادة وما كنتم تكتمون قولهم لن يخلق ربنا خلقاالا كنا أعلم منه وأكرم عليه منه قوله وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا
الا إبليس أبى واستكبر هذا إكرام عظيم من الله تعالى لآدم حين خلقه بيده ونفخ فيه من روحه كما قال فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فهذه أربع تشريفات خلقه له بيده الكريمة ونفخه فيه من روحه وأمره الملائكة بالسجود له وتعليمه أسماء الأشياء ولهذا قال له موسى الكليم حين اجتمع هو وإياه في الملأ الأعلى وتناظرا كما سيأتي أنت آدم أبو البشر الذي خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء وهكذا يقول أهل المحشر يوم القيامة كما تقدم وكما سيأتي إن شاء الله تعالى وقال في الآية الأخرى ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا الا إبليس لم يكن من الساجدين قال ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين قال الحسن البصري قاس إبليس وهو أول من قاس وقال محمد بن سيرين أول من قاس إبليس وما عبدت الشمس ولا القمر الا بالمقاييس رواهما ابن جريج ومعنى هذا أنه نظر نفسه بطريق المقايسة بينه وبين آدم فرأى نفسه أشرف من آدم فامتنع من السجود له مع وجود الأمر له ولسائر الملائكة بالسجود والقياس إذا كان مقابلا بالنص كان فاسد الاعتبار ثم هو فاسد في نفسه فإن الطين أنفع وخير من النار فإن الطين فيه الرزانة والحلم والأنة والنمو والنار فيها الطيش والخفة والسرعة والاحراق ثم آدم شرفه الله بخلقه له بيده ونفخه فيه من روحه ولهذا أمر الملائكة بالسجود له كما قال إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون الا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين قال يا إبليس مالك أن لا تكون مع الساجدين قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون قال فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين استحق هذا من الله تعالى لأنه استلزم تنقصه لآدم وازدراؤه به وترفعه عليه مخالفة الأمر الآلهي ومعاندة الحق في النص على آدم على التعيين وشرع في الاعتذار بما لا يجدي عنه شيئا وكان اعتذاره أشد من ذنبه
@ قال الله تعالى وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبؤني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم قلنا اهبطوا منها جميعا فاما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون وقال تعالى إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون وقال تعالى يا أيها
الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا كما قال يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير وقال تعالى هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها الآية وقال تعالى ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين قال ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين قال انظرني إلى يوم يبعثون قال إنك من المنظرين قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين قال اخرج منها مذؤما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخسفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون كما قال في الآية الأخرى منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى وقال تعالى ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون والجان خلقناه من قبل من نار السموم وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين قال يا إبليس مالك أن لا تكون مع الساجدين قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون قال فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين قال هذا صراط علي مستقيم إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين وإن جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم وقال تعالى وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا الا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته الا قليلا قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم
جزاؤكم جزاء موفورا واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان الا غرورا إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا وقال تعالى وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا الا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا وقال تعالى ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا الا إبليس أبى فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى إن لك ان لا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى فـأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فأما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى وقال تعالى قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون إن يوحى إلي الا أنما أنا نذير مبين إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون الا ابليس استكبر وكان من الكافرين قال يا ابليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين قال فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين قال فالحق والحق أقول لأملأن جنهم منك وممن تبعك منهم أجمعين قل ما أسئلكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين ان هو الا ذكر للعالمين ولتعلمن نبأه بعد حين
طفهذا ذكر هذه القصة من مواضع متفرقة من القرآن وقد تكلمنا على ذلك كله في التفسير ولنذكر ههنا مضمون ما دلت عليه هذه الآيات الكريمات وما يتعلق بها من الأحاديث الواردة في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله المستعان
فأخبر تعالى أنه خاطب الملائكة قائلا لهم إني جاعل في الأرض خليفة أعلم بما يريد أن يخلق من آدم وذريته الذين يخلف بعضهم بعضا كما قال وهو الذي جعلكم خلائف الأرض فأخبرهم بذلك على سبيل التنويه بخلق آدم وذريته كما يخبر بالأمر العظيم قبل كونه فقالت الملائكة سائلين على وجه الاستكشاف والاستعلام عن وجه الحكمة لا على وجه الاعتراض والتنقص لبني آدم والحسد لهم كما قد يتوهمه بعض
جهلة المفسرين قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء قيل علموا أن ذلك كائن بما رأوا ممن كان قبل آدم من الجن والبن قاله قتادة
وقال عبدالله بن عمر كانت الجن قبل آدم بألفي عام فسفكوا الدماء فبعث الله إليهم جندا من الملائكة فطردوهم إلى جزائر البحور وعن ابن عباس نحوه وعن الحسن ألهموا ذلك وقيل لما اطلعوا عليه من اللوح المحفوظ فقيل أطلعهم عليه هاروت وماروت عن ملك فوقهما يقال له الشجل رواه ابن أبي حاتم عن أبي جعفر الباقر وقيل لأنهم علموا أن الأرض لا يخلق منها الا من يكون بهذه المثابة غالبا ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك أي نعبدك دائما لا يعصيك منا أحد فإن كان المراد بخلق هؤلاء أن يعبدون فها نحن لا نفتر ليلا ولا نهارا قال إني أعلم مالا تعلمون أي أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هؤلاء مالا تعلمون أي سيوجد منهم الأنبياء والمرسلون والصديقون والشهداء ثم بين لهم شرف آدم عليهم في العلم فقال وعلم آدم الأسماء كلها قال ابن عباس هي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس إنسان ودابة وأرض وسهل وبحر وجبل وجمل وحمار وأشباه ذلك من الأمم وغيرها وفي رواية علمه اسم الصحفة والقدر حتى الفسوة والفسية وقال مجاهد علمه اسم كل دابة وكل طير وكل شيء
وكذا قال سعيد بن جبير وقتادة وغير واحد وقال الربيع علمه أسماء الملائكة وقال عبدالرحمن بن زيد علمه أسماء ذريته والصحيح أنه علمه أسماء الذوات وأفعالها مكبرها ومصغرها كما أشار إليه ابن عباس رضي الله عنهما وذكر البخاري هنا ما رواه هو ومسلم من طريق سعيد وهشام عن قتادة عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا فيأتون آدم فيقولون أنت أبو البشر خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء وذكر تمام الحديث ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قال الحسن البصري لما أراد الله خلق آدم قالت الملائكة لا يخ لق ربنا خلقا إلا كنا أعلم منه فابتلوا بهذا وذلك قوله إن كنتم صادقين وقيل غير ذلك كما بسطناه في التفسير قالوا سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم أي سبحانك أن يحيط أحد بشيء من علمك من غير تعليمك كما قال ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون أي أعلم السر كما أعلم العلانية وقيل إن المراد بقوله وأعلم ما تبدون ما قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها وبقوله وما كنتم تكتمون المراد بهذا الكلام إبليس حين أسر الكبر والتخيرة على آدم عليه السلام قاله سعيد بن جبير ومجاهد والسدي والضحاك والثوري واختاره ابن جرير وقال أبو العالية والربيع والحسن وقتادة وما كنتم تكتمون قولهم لن يخلق ربنا خلقاالا كنا أعلم منه وأكرم عليه منه قوله وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا
الا إبليس أبى واستكبر هذا إكرام عظيم من الله تعالى لآدم حين خلقه بيده ونفخ فيه من روحه كما قال فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فهذه أربع تشريفات خلقه له بيده الكريمة ونفخه فيه من روحه وأمره الملائكة بالسجود له وتعليمه أسماء الأشياء ولهذا قال له موسى الكليم حين اجتمع هو وإياه في الملأ الأعلى وتناظرا كما سيأتي أنت آدم أبو البشر الذي خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء وهكذا يقول أهل المحشر يوم القيامة كما تقدم وكما سيأتي إن شاء الله تعالى وقال في الآية الأخرى ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا الا إبليس لم يكن من الساجدين قال ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين قال الحسن البصري قاس إبليس وهو أول من قاس وقال محمد بن سيرين أول من قاس إبليس وما عبدت الشمس ولا القمر الا بالمقاييس رواهما ابن جريج ومعنى هذا أنه نظر نفسه بطريق المقايسة بينه وبين آدم فرأى نفسه أشرف من آدم فامتنع من السجود له مع وجود الأمر له ولسائر الملائكة بالسجود والقياس إذا كان مقابلا بالنص كان فاسد الاعتبار ثم هو فاسد في نفسه فإن الطين أنفع وخير من النار فإن الطين فيه الرزانة والحلم والأنة والنمو والنار فيها الطيش والخفة والسرعة والاحراق ثم آدم شرفه الله بخلقه له بيده ونفخه فيه من روحه ولهذا أمر الملائكة بالسجود له كما قال إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون الا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين قال يا إبليس مالك أن لا تكون مع الساجدين قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون قال فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين استحق هذا من الله تعالى لأنه استلزم تنقصه لآدم وازدراؤه به وترفعه عليه مخالفة الأمر الآلهي ومعاندة الحق في النص على آدم على التعيين وشرع في الاعتذار بما لا يجدي عنه شيئا وكان اعتذاره أشد من ذنبه
saving score / loading statistics ...